كتبت : رقية الإبراشي
تعد قضية ضريح “أبو حصيرة” واحدة من القضايا البارزة التي أثارت الجدل في مصر، حيث تداخلت فيها الجوانب القانونية والثقافية والسياسية. ضريح “أبو حصيرة”، الذي يقع في قرية دميتوه بمحافظة البحيرة، يُنسب إلى حاخام يهودي يُعتقد أنه توفي في المنطقة خلال القرن التاسع عشر. تحول المكان إلى مقصد لليهود للاحتفال بذكرى ميلاده وإقامة طقوس دينية سنوية، مما أثار استياء بعض السكان المحليين وتسبب في مناقشات واسعة حول التراث الثقافي والسيادة الوطنية.
ارتبط الضريح منذ عقود بممارسات دينية وسياحية أثارت حساسيات لدى سكان المنطقة، حيث كان يحتشد الزوار لإقامة طقوس يُنظر إليها أحياناً على أنها غير متوافقة مع العادات والتقاليد المصرية. وقدمت عدة دعاوى قضائية تطالب بإلغاء الاحتفالات ونقل الضريح إلى إسرائيل، بحجة أنه يسبب اضطراباً في المنطقة ويُعتبر انتهاكاً للسيادة المصرية.
في ديسمبر 2014، أصدرت المحكمه حكمها التي أيدته المحكمة الإدارية العليا في ٢٠٢٠ ليصبح حكماً نهائياً بحظر الاحتفالات السنوية عند ضريح أبو حصيرة ورفض نقل رفاته إلى إسرائيل. استند الحكم إلى مجموعة من الحجج القانونية والثقافية، أبرزها:
- حماية التراث الوطني: اعتبرت المحكمة أن الضريح لا يُصنف كأثر تاريخي وفقاً للقوانين المصرية.
- السيادة الوطنية: رفضت المحكمة نقل الرفات، مشددة على أن ذلك يتعارض مع مصالح الدولة المصرية.
- الاعتراضات المجتمعية: أُخذ بعين الاعتبار رفض سكان المنطقة لهذه الاحتفالات وما يصاحبها من مظاهر اعتُبرت مسيئة للمجتمع المحلي
ولاقي الحكم ترحيباً واسعاً بين قطاعات عريضه من المصريين أن لم يكن كل المصريين الذين رأوا فيه تأكيداً على سيادة الدولة واحتراماً لرغبات المجتمع المحلي. في المقابل، عبرت بعض الجهات الإسرائيلية عن استيائها، معتبرة أن القرار يعيق حرية المعتقد الديني.
الأبعاد القانونية والثقافية
جاء هذا الحكم في إطار سياق أوسع يتعلق بإدارة العلاقات الثقافية والدينية بين مصر وإسرائيل. رغم اتفاقية السلام بين البلدين، تظل هناك تحديات تتعلق بالتراث المشترك وإدارة المواقع الدينية ذات الحساسية.
واخيرا،
يُعد حكم المحكمة بشأن ضريح أبو حصيرة محطة مهمة تعكس التوازن بين احترام التقاليد المحلية والسيادة الوطنية من جهة، وحرية المعتقدات الدينية من جهة أخرى. يبقى الضريح رمزاً لقضية أوسع تتعلق بكيفية التعامل مع التراث متعدد الثقافات في سياق سياسي واجتماعي معقد.