أرسل الأمين العام للمؤتمر القومي العربي السيد / حمدين صباحي رسالة مفتوحة لاجتماع القمة العربية المؤجلة المزمع انعقادها بالقاهرة في 4 مارس القادم جاء فيها:
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو المحترمون
تحية عربية طيبة
تأتي دعوة القيادة المصرية إلى قمة عربية طارئة في السابع والعشرين من شهر شباط/فبراير الجاري، والتي جرى تأجيلها إلى 4 آذار/مارس 2025، في ظروف بالغة الخطورة، ليس بسبب الفظائع التي ارتكبها التحالف الصهيوني – الأمريكي بحق أهل غزّة وعموم الشعب الفلسطيني وفي جنوب لبنان وبقاعه والضاحية الجنوبية فحسب، بل أيضاً لما تشكّله من تهديد للأمن القومي العربي ولتنفيذ مؤامرة التهجير (القسري أو الطوعي) والتوطين أيضاً.
ويثير انعقاد هذه القمة لدى أبناء الأمّة شعوران، الأمل والقلق معاً.
فالشعور بالأمل نابع من رغبة عارمة، بأن تكون هذه القمّة مناسبة لإعلان موقف عربي موحّد بوجه العدوان الصهيوني، ولاتخاذ قرارات رادعة له، وعلى نحو مغاير لقمم سابقة، أما الشعور بالقلق فنابع من مخاوف مشروعة لدى أبناء الأمّة العربية من أن لا تكون قرارات هذه القمة بمستوى التحديات التي تواجهها الأمّة، لاسيّما بعد التهديدات الأمريكية – الصهيونية بتهجير الشعب الفلسطيني (قسرياً أو طوعياً) وتوطينه في أقطار عربية بدءاً من مصر والأردن ولبنان وصولاً إلى السعودية، وبما يؤكّد أن فلسطين ليست وحدها هدف هذا المشروع الصهيو – أمريكي، بل الأمّة العربية برمتها.
فتعزيزاً للأمل، وإبعاداً للقلق، نأمل في المؤتمر القومي العربي الذي انطلق في عام 1990، برعاية جامعة الدول العربية أن تسعى القمة إلى:
- الرفض الكامل لمقترحات ترامب للتهجير (القسري أو الطوعي) لأهل غزّة ولتوطين الفلسطينيين خارج وطنهم والعمل بشتى الوسائل المتاحة لإسقاط هذه المقترحات ومفاعيلها، ونحذّر من أية محاولة للالتفاف على الموقف العربي الرسمي والشعبي الرافض لهذه المقترحات.
- التبني الواضح والصريح والدعم الفاعل لقوى المقاومة في فلسطين ولبنان وعلى مستوى الأمّة كلها، باعتبارها رأس حربتنا في مواجهة العدوان والمشاريع الاستعمارية.
- السعي للإنهاء الفوري للانقسام الفلسطيني على قاعدة التكامل بين الفعل المقاوم والعمل السياسي لما فيه مصلحة القضية الفلسطينية.
- العمل الفوري على إطلاق آليات إعمار المناطق المنكوبة في غزّة ولبنان، بما فيها تأسيس صندوق عربي – إسلامي – دولي، لإعادة الإعمار في فلسطين ولبنان، وضمان إدارة شفافة وموثوقة لهذا الصندوق.
- في الوقت الذي يؤكّد فيه المؤتمر القومي العربي على ضرورة تحمّل أمّتنا العربية والإسلامية مسؤولية إعادة إعمار غزّة وجنوب لبنان وتقديم التعويضات للعائلات المتضررة، فأنه يدعو الحكومات العربية إلى تحميل الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية وكل من دعم هذا العدوان مسؤولية إعادة الإعمار والتعويض على المتضررين في فلسطين ولبنان باعتبار أنهم هم المتسببون بالدمار الكبير وبالمجازر التي أدّت إلى استشهاد وجرح مئات الالاف من المدنيين وتشرّدهم.
- الضغط على المحتل “الإسرائيلي” وحلفائه لينفّذوا كافة بنود اتفاقات وقف إطلاق النار في غزّة وجنوب لبنان وعلى رأسها الانسحاب الكامل من كل شبر من الأرض التي يحتلها العدو.
- طرد سفراء الكيان الصهيوني من العواصم العربية المعنية كخطوة على طريق إلغاء كافة اتفاقيات التطبيع مع العدو باعتبارها تفريطاً في الحقوق المشروعة لشعب فلسطين وللأمّة العربية .
- استخدام كل ما هو متاح من وسائل الضغط السياسية والاقتصادية والشعبية والأمنية والثقافية من أجل إرغام الدول الداعمة للكيان الصهيوني على مراجعة مواقفها، والالتزام بالقرارات الدولية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
- السعي لتطوير العلاقات بين الدول العربية ودول الجوار في إطار تكامل عربي – إيراني – تركي ودول الجوار الأفريقي، لكي يقوم في هذه المنطقة من العالم، إقليم عربي – إسلامي – أفريقي ذو وزن مؤثر في السياسة والاقتصاد والثقافة والسعي لتنقية كل الشوائب في هذه العلاقات بما يصون مصالح كافة الأمم واستقلالها وسيادتها ومواردها وإبعادها عن كافة أنواع التدخلات في شؤونها .
- الانطلاق من فشل العدو في تحقيق أهدافه في ملحمة “طوفان الأقصى” لإطلاق عملية سياسية شاملة تسعى إلى انسحاب العدو من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس تمهيداً لإقرار كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير.
- يدعو المؤتمر القومي العربي إلى إطلاق حملة عربية وإسلامية وعالمية لتفعيل “حق العودة” للفلسطينيين إلى أرضهم، خصوصاً أن قرارات دولية عدة قد أكّدت على هذا الحق المقدس، كما أن هتافات الأخوة الفلسطينيين أن “الهجرة عندهم هي نحو القدس” تؤكّد على تمسك هذا الشعب بأرضه وبحق العودة.
- السعي للاستثمار في التأييد الشعبي العالمي للشعب الفلسطيني ومقاومته من أجل قيام جبهة شعبية عالمية من قوى التحرر في الوطن العربي والعالم الإسلامي وعلى المستوى الدولي، وقيام تشكيل عالمي معاد للفاشية والعنصرية والاستعمار الاستيطاني.
- الاستثمار في الإجماع الدولي المتصاعد المناهض للعنصرية الصهيونية، من أجل عزل الكيان العنصري الصهيوني عالمياً تمهيداً لإسقاطه كما جرى مع النظام العنصري في جنوب أفريقيا.
- مواصلة الضغط والتحرك السياسي والإعلامي والقانوني لاستكمال المسار القضائي الدولي الذي بدأ بقرارات محكمة العدل الدولية باعتبار الكيان الصهيوني دولة إبادة عنصرية وتطهير عرقي وبالتزامن مع قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق مجرمي الحرب نتنياهو ووزير دفاعه، والسعي إلى دعوة كافة دول العالم إلى الالتزام بمضمون هذه القرارات.
- تعزيز دور كافة المنظمات الدولية ذات العلاقة بدعم الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها وكالة عوث اللاجئين (الأنروا) التي باتت عنواناً من عناوين “حق العودة” المكرّس بقرار دولي.
- السعي لتنقية العلاقات بين الأقطار العربية والإسلامية من جهة، وداخل هذه الأقطار، من أجل قيام تضامن عربي وإسلامي واسع من جهة، ومن أجل إطلاق الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان والإفراج عن كل معتقلي الرأي في البلدان العربية لضمان التماسك الداخلي في هذه الأقطار مع تحصين مجتمعاتنا ضد العصبيات الطائفية والمذهبية والعرقية وضد كل مظاهر الفساد والاستعباد.
- العمل على تفعيل قوانين المقاطعة العربية للعدو وداعميه وإعادة العمل في مكاتب المقاطعة داخل الأقطار العربية والسعي لإلغاء كل اتفاقات التطبيع مع العدو الذي استخدم اتفاقات “السلام” المزعوم من أجل إشاعة الحروب والفتن ضد أقطار الأمّة وداخلها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة
إننا إذ نضع أمامكم هذه المطالب التي يتمسك بها أبناء أمّتنا العربية والإسلامية، والتي تتوافق مع العديد من المواثيق والقررات العربية منذ قيام النظام الرسمي العربي في أربعينيات القرن الماضي حيث انعقدت القمة العربية في الاسكندرية عام 1946، وأعلنت أن هذا الكيان قبل قيامه ليس خطراً على فلسطين وحدها بل على الأمّة العربية كلها.
ونحن إذ نجدد هذه المطالب والاقتراحات، نأمل أن تأتي مقررات مؤتمركم والآليات التنفيذية المنبثقة عنه بمستوى التحديات الراهنة، وتأكيداً لدور أمّتنا والإقليم في العالم، وتصحيحاً لمواقف جرى اتخاذها خلال 15 شهراً، وخلال مواجهة العدوان الصهيوني – الأمريكي على غزّة، وهي مواقف لم تكن منسجمة على الإطلاق مع مسؤوليات حكوماتنا ولا مع مطالب جماهير أمّتنا ونخبها. وها هي اللحظة المواتية لإستعادة ثقة الأمة وإحياء التضامن العربي الرسمي الشعبي بموقف جاد حاسم صارم يتصدى لأطماع العدو ويحفظ للأمة حقوقها وأمنها وكرامتها .
وفقكم الله
والسلام عليكم ورحمه الله
حمدين صباحي
الأمين العام للمؤتمر القومي العربي
القاهرة 18 فبراير 2025