سالم أبورخا
تعد زيارة أمير قطر هذا الأسبوع إلى المملكة المتحدة هي الأولى من نوعها لأي زعيم عربي منذ صعود الملك تشارلز إلى العرش، وهذا ليس من قبيل المصادفة.
وحسب داميان فيليبس الباحث في مركز كوبدن البريطاني في تقرير عن الزيارة نشر في مجلة سبكتايتور يقول : لقد نجحت قطر في وضع نفسها كلاعب رئيسي في تحالفات الغرب في الشرق الأوسط في الوقت الذي يساء فيه فهم دورها في كثير من الأحيان.
دور الدوحة كوسيط رئيسي في العالم سيصبح أكثر أهمية مع استمرار الصراع الحالي في المشرق دون أفق تباطؤ، ودخول الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة حاسمة، وازدياد الأحداث في سوريا واليمن التي تزيد من خطر اندلاع صراع أوسع.
لقد ادى الاستقطاب في الرأي السياسي لدى الشركاء الغربيين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة وإسرائيل منذ فظائع السابع من أكتوبر بالكثيرين إلى إساءة فهم موقف قطر وآثار وجود حماس الرسمي (ومعظم قيادتها العليا) في الدوحة على وجه الخصوص، غضب السياسيين اليمينيين في كلا البلدين.
ولذلك، ليس من المستغرب أن يكون الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد اختار زيارة المملكة المتحدة، فالدبلوماسيون وصناع السياسات البريطانيون، باعتبارهم اصحاب ركيزة طويلة الأمد في التحالف الغربي، في موقع جيد ليكونوا صوتًا عقلانيًا في كل من واشنطن وتل أبيب.
كما يعلم أي دارس للتاريخ، فإن قلة من الحروب يتم الانتصار فيها من خلال الاحتلال الصريح والاستسلام الرسمي وأي فرصة واقعية للسلام العادل تتطلب ليس الصمود في ساحة المعركة فحسب، ولكن الحفاظ على قنوات اتصال حيوية يمكن من خلالها إجراء الدبلوماسية ايضاً.
بدون المحادثات بين اي طرفين فأن الأمل ضئيل في أن يتوقفا عن إطلاق النار وهذا هو الدور الذي اختارته قطر، على مدى عقود.
برزت الدوحة كحلقة وصل دبلوماسية حاسمة في القرن الواحد والعشرين مستفيدة من النموذج الذي سبق وأن تبنته دول مثل سويسرا والنرويج في أوروبا، وقد وصفها معهد الخدمات المتحدة الملكية بأنها “شريك لا غنى عنه للسلام داخل المجتمع الدولي”.
المكان الوحيد الذي تتجاور فيه سفارتا المملكة المتحدة والولايات المتحدة مع مكتبي طالبان وحماس هو الدوحة، وقد أظهرت احداث الفترة الأخيرة أهمية ذلك على الرغم من أن وجود حماس أثار غضب منتقدي قطر.
استضافت الدوحة اجتماعات منتظمة بين مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز ورئيس جهاز الموساد ديفيد بارنيا ورئيس وزراء قطر محمد آل ثاني منذ السابع من أكتوبر، في محاولة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
كان من غير الممكن تحقيق فترة التوقف في العمليات الإسرائيلية بين 24-30 نوفمبر 2023، إلى جانب إطلاق كل طرف عددًا محدودًا من الرهائن والسجناء، من دون جهود الوساطة القطرية، التي وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها “شراكة حاسمة”.
قطر، – على عكس الوسطاء التقليديين مثل السعودية أو مصر – لا تملك إرثا سلبيا في الأراضي المقدسة، كما أن لديها تاريخًا أطول بكثير من العلاقات الجيدة مع إسرائيل مقارنة بالعديد من الدول العربية الأخرى، حيث استضافت مكتبا تجاريا تشغيليا في إسرائيل من عام 1996 إلى 2000، واستضافت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني عام 2008 لمناقشة تطبيع العلاقات مع الدول العربية.