كان التاسع والعشرون من تشرين الثاني (نوفمبر) يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، فبات اليوم بفضل المقاومة في غزّة ولبنان واليمن والعراق وسورية أياماً عالمية متواصلة من أجل فلسطين وحقها بالحرية والاستقلال وتقرير المصير.
كان 29/11، يوماً يحتفل به أصدقاء فلسطين في القاعات المغلقة في مقر الأمم المتحدة وبعض الهيئات المتعاطفة مع قضية فلسطين، وبات اليوم مسيرات وتظاهرات ضخمة تجوب كل عواصم العالم ومدنه وترفع أعلام فلسطين كما لم يرفع علم ما في العالم.
كان 29/11، مناسبة لإلقاء الخطب المطالبة بالحق الفلسطيني، وأحياناً لعقد الندوات المحلية أو الإقليمية أو الدولية، وبات اليوم شاهداً على ملايين الجماهير المنتفضة من أجل حياة الفلسطينيين وحقوقهم.
كان يوم 29/11، يوماً يتذكّر فيه العالم قضية كادت أن تصبح منسية، ليتحوّل اليوم إلى أيام يرى فيها العالم كيف يستنهض شعب ومعه شرفاء الأمّة وأحرار العالم قضية حق وكرامة من خلال مئات الآف من الشهداء والجرحى والبيوت والمعابد والمستشفيات والجامعات المدمّرة في فلسطين ولبنان.
كان يوم 29/11، يوماً يحرّك فيه الكثيرون ضمائرهم تجاه حق يظنون أن مصيره لن يكون أفضل من مصير حق الهنود الحمر في أميركا، فإذا بنا أمام أيام توحي لنا أن زوال الاحتلال نفسه لم يعد بعيداً.
كان يوم 29/11، من كل عام يوماً نتذكّر فيه أنفسنا كأبناء أمّة تشكّل فلسطين القلب منها، ومقدّساتها بوصلة الإيمان والكرامة، ليصبح أياماً يغسل فيها مجاهدونا الأبطال في غزّة وعموم فلسطين، وعلى امتداد جبهة المقاومة، بدمائهم الطاهرة كل ما أحاط بفلسطين من أدران وشوائب فكرية وسياسية وأخلاقية.
في 29/11، أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يقام في مقر الأمم المتحدة معرض خاص بقضية فلسطين، وأن يرفع علم فلسطين أمام مقرات الأمم المتحدة، فيما نرى اليوم أرض غزّة وعموم فلسطين وكل لبنان، قد تحوّلت إلى معرض حيّ بدماء عشرات الآف الشهداء والجرحى في حرب إبادة جماعية، كما بتنا نرى علم فلسطين يرفع في مسيرات المتضامنين وعلى شرفات المنازل في كافة عواصم العالم.
لقد اختارت الأمم المتحدة منذ عام 1977، يوم 29/11، يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني بسبب أن قراراً دولياً قد اتخذ في اليوم ذاته عام 1947 تحت الرقم 181، والذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين ويشترط موافقة الكيان الصهيوني الغاصب عليه من أجل قبوله في الأمم المتحدة، فإذا بكيان الاحتلال يرفض تنفيذ هذا القرار ويغتصب أجزاء من فلسطين كان القرار يعتبرها جزءاً من دولة فلسطين، في إنكار واستهتار، ما لبث العدو أن كرّرهما تجاه كافة القرارات الدولية المتصلة بالصراع العربي – الصهيوني.
إذن لن يكون احتفالنا هذا العام كما جرى على امتداد 51 سنة محصوراً بالقاعات والندوات، بل بات احتفالنا يقام في ساحات المواجهة داخل فلسطين وعلى حدودها الشمالية في لبنان، كما في ساحات التضامن في كافة أنحاء العالم، ولم يعد التضامن محصوراً بتنفيذ القرار الأممي 181، والقرار الأممي 194 القاضي بحق العودة، بل دعوة تشمل تحرير فلسطين، كل فلسطين، وإقامة دولة ديمقراطية على امتداد أرضها من الناقورة إلى أم الرشراش.
وقد يقول البعض أنها اضغاث أحلام، ونقول لهم أن أصعب الأحلام قد تتحقق بفعل وفضل إرادة الشعوب، وأن نظرة سريعة إلى ما يجري داخل كيان العدو من تداعيات لملحمة «طوفان الأقصى»، من تداعيات ومن زلازل وانقسامات، تأكيد لصحة ما نحلم به، خصوصاً أنه مقرون ببطولات المقاومين التي لم يعرف تاريخنا المعاصر مثيلاً لها.
فكفى تيئيساً، وكفى تشكيكاً، ولتكن المقاومة نهجنا والوحدة الوطنية والعربية والإسلامية هدفنا، ولنتذكّر دائماً أن فلسطين طريق وحدتنا وأن وحدتنا هي الطريق إلى فلسطين.
نقلا عن اللواء