محمد سلماوي
علمنا الغرب أن التحدث عن المؤامرات السياسية هو ضرب من ضروب التخلف، وأن من مظاهر التقدم ألا نؤمن بنظرية المؤامرة، وهكذا وجدنا مثقفينا السياسيين كثيرا ما يباهون بأنهم لا يؤمنون بنظرية المؤامرة، أو بالتفسير التآمرى للتاريخ، بينما مع كل يوم جديد يتم الكشف عن مؤامرة جديدة دبرها الغرب بنفسه فى الخفاء، هذا ما حدث مع العدوان الثلاثى على مصر والذى ثبت أنه تم نتيجة لمؤامرة سرية عرفت بعد ذلك ببروتوكول سيفر، واعتبرت واحدة من أشهر المؤامرات فى التاريخ الحديث، وقبلها بسنتين فقط كانت فضيحة لافون التى كشفت مؤامرة سرية دبرتها إسرائيل لتفجير أهداف أمريكية وبريطانية داخل مصر، واعترفت بها إسرائيل، وكما انتصرت مصر على مؤامرة سيفر انتصرت أيضا على المؤامرة الإسرائيلية التى سميت باسم وزير الدفاع بنحاس لافون الذى أصدر الأوامر بتنفيذها، وما القرار الأخير للرئيس الأمريكى دونالد ترامب برفع السرية عن وثائق اغتيال الرئيس جون كيندى إلا محاولة لكشف المؤامرة التى فرضت عليها السرية منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، حيث يهدف ترامب لفضح دور وكالة المخابرات المركزية CIA فى عملية الاغتيال، ربما ليحول دون قيامهم باغتياله كما اغتالوا كيندى، وقد قرأت فى حوار للمؤرخ الإسرائيلى إلان بابى اتهاما مبطنا للمخابرات الإسرائيلية الموساد بأنها لم تكن بعيدة عن اغتيال ثلاثة من أهم الزعماء العرب، الملك فيصل الذى اغتيل عام 1975، والرئيس هوارى بومدين الذى يعتقد أنه مات مسموما عام 1978، والرئيس السادات عام 1981، وقد روى السادات فى أحاديثه أن أكثر من وقف معه من الزعماء العرب فى حرب أكتوبر كان أولا الملك فيصل الذى أخبر السادات بأنه مستعد لدفع تكلفة الحرب كاملة، ثم لدوره فى استخدام سلاح البترول لأول مرة بعد قيام الحرب، وثانيا الرئيس بومدين الذى روى السادات أنه سافر بنفسه إلى موسكو قبل أيام من بداية الحرب، حاملا معه مائة مليون دولار دفعها ثمنا للسلاح الذى طلبته مصر، ولم يغادر العاصمة السوفيتية إلا بعد أن تم شحن السلاح بالفعل لمصر، وهذا لا يعنى أن وراء ذلك مؤمرة، ثم إننا قوم متحضرون لا نؤمن بنظرية المؤامرة!!!
نقلا عن الأهرام