يُقال إنّ “خير وسيلة للدفاع هي الهجوم”، ومصر اليوم تواجه حصاراً من الحروب من كل جانب، في وقتٍ باتت فيه مستهدفة بمخططات تهدف إلى تقسيم المنطقة، من خلال تفجير أوضاعها الداخلية، ودفع الشعب نحو فوضى مدمرة وغير مسبوقة.
سياسات صندوق النقد الدولي وآثارها، إضافة إلى انصياع الحكومة المصرية لتلك السياسات، تدفع الشعب دفعاً نحو طريق لا يُحمد عقباه. لقد تحمّل المصريون فوق طاقتهم، ليس عن رضا بالحال، بل خوفاً من المآل وحرصاً على الدولة واستقرارها.
الجميع يُدرك هذه الحقائق، من أصغر مواطن إلى أكبر مسؤول. وقد كرّر رئيس الجمهورية مراراً أن مصر مستهدفة، مناشداً المصريين بالصبر، لكنه لم يوجّه حكومته إلى تغيير سياساتها رأفة بالمواطنين.

الوضع الداخلي والخارجي
الوضع الداخلي في مصر يشهد حالة غليان، ويبدو جاهزاً لانفجار عشوائي قد يكون مدمراً. أما على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية، فالوضع غاية في السوء، وسط حروب هي الأكثر دموية خلال نصف القرن الأخير.
مصر، التي تُعتبر الملجأ والملاز لإخوتها في المحيط الجغرافي العربي، قد تجد نفسها قريباً في قلب المعركة، شاءت أم أبت.
النظام المصري أرهق نفسه بديون وأعباء اقتصادية تفوق قدرته، ولم يعد المواطن العادي قادراً على تحمّل تبعاتها. الوضع يتطلب حلاً جذرياً، فلا يمكن لمصر أن تظل صامتة بينما النيران تقترب من البيت.
الحاجة إلى هجوم استراتيجي
مصر بحاجة إلى معالجة غير تقليدية. عليها استغلال الهجوم المتواصل عليها وصعوبة أوضاع محيطها لصنع هجمة مرتدة بلغة كرة القدم أو نقلة استراتيجية بلغة لاعبي الشطرنج على أن تكون بمواصفات محددة:
1- نقلة لا تتعارض مع الشرعية الدولية .
3- تحدث تحول استراتيجي في معادلات الصراع في المنطقة.
4- لا ترهق مصر اقتصاديا أكثر مما هي مرهقة.
5- تستطيع حسم الصراعات ووضع الخصوم في حالة دفاع حرج
من فن السياسة أن تجد منحة في كل محنة، وقد فُرض على مصر عزلة عن محيطها العربي وتحديدا في الجبهة الشرقية ، صحيح أن هذا كان وفق تصورات العدو لمصر ودورها في المنطقة، لكنه في نفس الوقت حافظ على الجيش المصري قويا متماسما وسط انهيار جيوش المنطقة، لكن لا معنى لقوة أي جيش وتماسكه إن لم يحقق انتصار للوطن وحماية مستقبل أبنائه
النظام في السودان وشرق ليبيا على توافق تام مع النظام المصري ويعلقون آمال كبيرة على الدور المصري
هذا الوضع المقصود من أعدائنا يوفر فرصة يصعب تكرارها
على مصر أن تتحول من حالة الترقب والدفاع إلى حالة الهجوم، عليها دعوة السودان وليبيا إلى وحدة مع مصر وعلاقات الشعور القومي لدى السودانيين والليبيين يجعل من هذا المشروع فرصة لكلاهما كما هو فرصة لمصر
الأمر يستحق النظر والدراسة السريعة والعاجلة
القومية العربية واقع لا ينكره عاقل والوحدة العربية مشروع لا يرفضه مخلص ، الوحدة هي الحل لكل مشاكل الأمة ولن يتم صنع الوحدة في معامل وزارة الصناعة أو البحث العلمي لكنها ستصنع وسط الصراعات ونيران المعارك
يبدو هذا الحديث عند البعض عودة إلى أحلام الماضي واجترار لمشاريع الزمن الجميل لكنها في الواقع دعوة لحل مشاكل الواقع وأزماته بالقدرات المصرية والنفط الليبي والثروات الطبيعية السودانية لينعم شعب الجمهورية الجديدة بالاستقلال والاستقرار والرفاهية
احتياج الأطراف جميعها حكومات وشعوب إلى الوحدة هو الضامن الرئيسي لنجاحها .. ولكن هل من إرادة لدي صانع القرار في مصر أم أن بقاء هذا الوضع المأزوم هو هدف في حد ذاته