كتب محمد بدر الدين

الكتاب: سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر ـ شهادة سامي شرف (سبعة أجزاء)
المؤلف: سامي شرف
الناشر: المكتب المصري الحديث، 2018

أصدر مذكراته في جزئين كبيرين، السيد سامي شرف وزير الدولة وسكرتير الرئيس عبد الناصر للمعلومات، ثم أعاد نشرها في طبعة موسعة في خمسة أجزاء إلى جانب حوار معه في جزئين ـ حول نفس قضايا وشواغل المذكرات (أجراه معه الكاتب القدير عبدالله إمام)، وهذه الأجزاء السبعة صدرت تباعاً تحت عنوان: “سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر ـ شهادة سامي شرف” (عن “المكتب المصري الحديث” ـ القاهرة، وصدر آخر الأجزاء عام 2018).
والحق أن كتاب مذكرات سامي شرف يرتقي إلى جهد “كتابة التاريخ” من خلال صيغة”المذكرات” و”الشهادة” خصوصاً في مناطق معينة كثيرة منه. وإنه لكتاب حافل بفصول مهمة للغاية، لا غنى عنها بالفعل للباحث “الحقيقي” في حقبة جمال عبدالناصر. وتتنوع الفصول وعناوينها ما بين:
صنع القرار في تجربة عبد الناصر ـ عبد الناصر والتنظيم السياسي ـ ثورة يوليو والتنمية ـ عبد الناصر والشباب ـ عبدالناصر والصحافة.. الثقافة.. الفنون ـ عبد الناصر وثورة اليمن ـ الأزمة مع محمد نجيب ـ ثورة يوليو وحزب الوفد ـ ثورة يوليو والشيوعيون ـ ثورة يوليو والإخوان المسلمون ـ حكاية إعادة تنظيم القضاء ـ الرحيل وترتيبات الخلافة ـ السادات رئيساً.. والافتراق عن خط جمال عبد الناصر ـ “15 مايو 1971”: تحديد الإقامة.. فالمحاكمة ثم السجن.
كما يوجد فصل متميز جداً عنوانه “أحاديث المعمورة” سنعود إليه..
ولأن الكتاب (متعدد الأجزاء) لسامي شرف، ثري حافل، فإنه يصعب تقديم عرض أو تناول واحد أومحدود له، لذا سوف نختار الآن التوقف أمام جوانب وزوايا، مشاهد أو لقطات..


مما نطالعه هنا إشارة إلى أن بعض الأسئلة المتعلقة بشخصيتي وأدوار “عبد الحكيم عامر” و”أنور السادات”، وكذلك “حسن التهامي”: “بحاجة إلى إجابات شافية عنها”. ولنتوقف مثلاً أمام بعض الزوايا والنقاط المتعلقة “بشخصية ودور وأداء السادات”.
يتحدث عنه كتاب شرف في مواضع: (كما في الطبعة الأولى في فصل “الرحيل وترتيبات الخلافة” ـ عن مكتبة مدبولي ـ وفي الطبعة التالية الموسعة في فصل بنفس العنوان، ثم في فصل جديد بعنوان “مراجعة الأحداث ـ محاولة للتقييم”، في الجزء الخامس أو ما يصفه المؤلف “بالكتاب الخامس ـ عن المكتب المصري الحديث).
وفي هذا الأخير يشير المؤلف إلى قول السادات في كتاب سيرته الذاتية الذي أصدره في فترة حكمه بعنوان “البحث عن الذات”:
“كان الملك فيصل صديقاً شخصياً لي منذ واحد وعشرين عاماً وبالذات منذ المؤتمر الإسلامي في 1955، وكان وقتها ولياً للعهد، وبرغم حرب اليمن ظللنا أصدقاء”.
ويضيف السادات:
• “عندما ذهبت إلى المغرب لأحضر أول مؤتمر إسلامي يعقد من أجل المسجد الأقصى بدلاً من الرئيس عبدالناصر، أبلغني الملك الحسن أن الملك فيصل قال له: “إذا أراد الله لمصر خيراً يحكمها السيد أنور السادات!!”.
على هذا النص يعلق سامي شرف:
ـ “وهو تصريح غريب إن صح صدوره فعلاً عن الملك فيصل، وكان همرة الوصل بين أنور السادات والملك فيصل: كمال أدهم شقيق زوجة الملك فيصل، ورئيس جهاز المخابرات السعودي، وهو أحد أقوى الشخصيات السعودية في ذلك الوقت وكان شخصية أسطورية بالغ الثراء، كما لم يعد سراً الآن فوق ذلك أن كمال أدهم كان يمثل المخابرات المركزية الأمريكية في المنطقة وأحد العناصر المهمة في تنفيذ استراتيجيتها في الشرق الأوسط”.
وفي هذا الموضع أيضاً يشير سامي شرف إلى ما كتبه “بوب وود وورد” ـ الصحفي الأمريكي الشهير ـ عن السادات في كتابه “الحجاب.. الحروب السرية لسي آي إيه من 1978 ـ 1981″، ومن ذلك قول المؤلف:
• “إن السعوديين كانوا يقدمون مساعدات منتظمة إلى أنور السادات، ومن المستحيل تحديد أين تنتهي المصالح السعودية وأين تبدأ المصالح الأمريكية”.
وهنا أيضاً يكتب شرف ما نصه:
• “كما ذكر بوب وورد” أن السادات كان يبلغ الملك فيصل بكل ما يدبر ضده في القاهرة عن طريق كمال أدهم”.
ويأتي شرف بالنص الأصلي من صفحات كتاب “الحجاب” بالملحق الوثائقي ـ كما يشير في هامش ـ مضيفاً:
• “هذا قليل مما ذكره هوجلاند في مقاله، علاوة على ما ذكره أيضاً “بوب وورد” في كتابه “الحجاب”، وما نشره كذلك كذلك “ويلبور كرين إيفلاند” في كتابه (Ropes of Sand) الصادر في 1980 الصفحات 99، 323، 327، 330، 331، 351، 353، 360، فيما يخص الرئيس أنور السادات”.
ذاكراً شرف أيضاً ما كتبه في هذا الخصوص والمعنى ـ وهو بالغ الأهمية والخطورة ـ ويليام كولبي مدير المخابرات المركزية الأسبق في مذكراته التي تحمل عنوان “رجال شرفاء”..”.


في الفصل السادس والعشرين من هذا الجزء (الكتاب الخامس ـ الصادر عن المكتب المصري الحديث) نقرأ لسامي شرف ما نصه، في نفس هذا الموضوع (عن علاقات السادات بالمخابرات الأمريكية):
• “فضحت مجلة الواشنطن بوست في عددها رقم 29253 بتاريخ 25 فبراير 1977 هذه العلاقات، كما نشرت “دارين كايز” كتاباً عن تفاصيل العلاقات بين السادات والجهات الأجنبية بشكل مفصل والكتاب بعنوان “عقارب وضفادع”. كما أصدرت مجلة “ريدرز دايجست” الأمريكية عدد شهر مايو 1980 وجاء في صفحة 72 من هذا العدد اعتراف من أحد الأمراء السعوديين لم يذكر اسمه، عن توجيهات كانوا يبعثون بها للسادات..”.
وهنا يعلق سامي شرف:
• “لو كنت علمت بما دار في الاتصال بين الرئيس السادات وكمال أدهم أو الأمير السعودي الذي جاء ذكره في مجلة “ردرز دايجست” في حينه، ولو كان الرئيس السادات مراقباً من جانبنا كما ادعى هو وحوارييه فيما بعد أحداث مايو 1971، لتغيرت مجريات أمور وأحداث كثيرة وغن اقتضى الأمر أن أتصرف وحدي وعلى مسئوليتي الشخصية بدافع أخلاقي ـ قبل أن يكون وطنياً ـ للتحرك في حينه لتعديل المسار”.
مضيفاً هنا شرف أيضاً:
• “الملفت للنظر أنه بعد نشر هذه الكتب والمقالات، لم تقم أي دولة أو ملك أو رئيس دولة باتخاذ أي إجراء قانوني كرفع قضايا قذف مثلاً أو طلب التحقيق أو رد إعلامي على ما ورد به من اتهامات خطيرة للملوك والرؤساء العرب وغيرهم، فيما عدا الملك حسين الذي اعترف بتقاضي أموال من المخابرات المركزية الأمريكية وأنه يتولى صرفها على أجهزة الأمن الأردنية”.


أيضاً في هذا الفصل والموضع من الكتاب، يذكر شرف فقرات بالغة الأهمية والخطورة من كتاب محمد عبدالسلام الزيات ـ نائب رئيس الوزراء في فترة من عهد السادات ـ وعنوانه: “السادات: القناع والحقيقة” (كتاب الأهالي رقم 81 عام 1989)، ومنها (صفحة 168، 178) ما نصه:
• “.. وفي أقل من شهر من تولي السادات رئاسة الجمهورية ظهر على المسرح المصري كمال أدهم، وأخذ يتردد على القاهرة، بتحفظ في بادئ الأمر، ثم أخذ تردده صفة الانتظام بعد التخلص ممن أسماهم السادات بمراكز القوى، وتمركزت كل السلطات في يده، أصبحت الاجتماعات يومية في حالة وجود كمال أدهم في القاهرة أو مع السفير السعودي في ذلك الحين “هشام الناظر” ـ فيما أذكر ـ في حالة غياب كمال أدهم عن القاهرة، أو عن طريق قنوات الاتصال التي أنشئت بين مصر والسعودية، ثم بين مصر وأمريكا، واستطاعت السعودية من خلال كمال أدهم أن تعيد ترتيب الأوضاع في مصر بما يساير الاستراتيجية الأمريكية.. وعندما تعددت لقاءات الرئيس السادات مع كمال أدهم، أذكر أنه في حديث لي مع محمد حسنين هيكل أبدى غضبه الشديد وطلب مني أن أوجه نظر الرئيس السادات إلى أن كمال أدهم كبير عملاء المخابرات الأمريكية C.I.A في المنطقة العربية، وأن اسمه مسجل ومنشور على الكافة باعتباره في مقدمة هؤلاء العملاء المسئولين عن المنطقة العربية. ولكنني طلبت من هيكل أن يوجه هو شخصياً الرئيس السادات إلى هذا الأمر لأنه أقدر مني على إقناعه في هذه الناحية”.
وهنا يشير الزيات إلى أن هيكل حتى لو فعل (لما كان في مقدوره أن يبعد كمال أدهم، فالعلاقة بين الإثنين علاقة عضوية وكل منهما يمثل امتداداً للآخر”. ثم يشير إلى قول السادات في كتابه “البحث عن الذات” أنه منذ منظمة المؤتمر الإسلامي في سنة 1955 صديق للملك فيصل وكان وقتها ولياً للعهد، ثم قول السادات: “وبرغم حرب اليمن ظللنا أصدقاء”، معقباً: (وقد يلقي هذا القول الضوء على دور السادات في حرب اليمن والذي أشار إليه بعض الكُتاب والمعلقين).
وهنا يقطع سامي شرف ما يذكره على لسان الزيات في كتابه بالغ الأهمية، ليقول “أمراً غير عادي!”: ولذلك نقدمه بنصه كاملاً:
• “هنا أجد نفسي مضطراً لقطع السياق لأسجل واقعة تاريخية خطيرة جداً اعتقد أن الرئيس السادات كان يخشى أن أصرح بها أثناء المحاكمة المهزلة في إنقلاب مايو 1971. خلاصة هذه الواقعة، وأقول الخلاصة لأني لن أتعرض لتفاصيلها احتراماً مني لاعتبارات الأمن القومي، فلقد أخبرني الدكتور أشرف مروان عقب خروجي من السجن سنة 1981: أن الرئيس أنور السادات أبلغ الملك فيصل عن طريق كمال أدهم عن العملية التي كان من المفروض أن تتم بإحداث تغيير لنظام المملكة إلى نظام جمهوري سنة 1963، بواسطة بعض ضباط القوات المسلحة السعودية” ـ (يرد هنا هذا الهامش في كتاب شرف: لمزيد من التفاصيل راجع “الأمير طلال شاهد على عصر الملك عبدالعزيز وأبنائه” ـ المكتب المصري الحديث القاهرة 2005). مستكملاً شرف: “وكانت تتم اتصالات بيني وبين بعضهم في الفترة من سنة 1961 حتى 3 فبراير 1964، في بعض البلدان الأوروبية إلى ان أبلغني أحد الضباط في لقاء تم معه في مدينة كوبنهاجن أنهم متأكدون من أن هناك تسريباً يتم للعملية للسلطات السعودية من القاهرة، ولما عدت وأبلغت الرئيس جمال عبد الناصر بهذه المعلومة الخطيرة، أمر بأن اتولى وحدي هذه العملية ولا يخطر السيد أنور السادات بأي جديد. وكان سبب هذا القرار أن ثلاثة فقط هم الذين كانوا على علم بهذه العملية: الرئيس والسادات وسامي شرف، فقرر الرئيس جمال عبد الناصر آخذاً بالأحوط أن تقتصر علي ـ فقط ـ هذه الاتصالات!. أرجو حرصاً مني على مقتضيات الأمن القومي أن أكتفي بهذا القدر من المعلومات بخصوص هذه القضية الهامة على الأقل في الوقت الحاضر. كما ان هناك ثلاثة مواضيع خطيرة أخرى لا أستطيع أن أصرح بها الآن لأسباب تتعلق بالأمن الوطني والقومي، وهذه المواضيع مكتوبة ومودعة في مكان أمين لتنشر في الوقت المناسب ولو بعد وفاتي بمعرفة الورثة”. (انتهت ملاحظة سامي شرف).


ثم يواصل سامي شرف ذكر فقرات لها أهميتها الخاصة من كتاب الزيات، منها:
• “.. يلقى حيم هوجلاند محرر الشئون الخارجية في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في عدد الصحيفة الصادر في 25 فبراير 1977 ـ الضوء على هذه العلاقة بين الرئيس السادات وكمال أدهم، مستقياً معلوماته من وثائق لجنة التحقيق التي شكلها الكونجرس الأمريكي للتحقيق في تجاوزات المخابرات الأمريكية برئاسة واحد من أبرز أعضاء الكونجرس الأمريكي وهو السناتور “تشرش” حيث يشير إلى إحدى هذه الوثائق التي تؤكد أن أنور السادات قد عمل في أوائل الستينيات مع كمال أدهم الذي كان رئيساً للمخابرات المركزية الأمريكية في المنطقة. وقد قام السادات بدور جوهري يعتبر خدمة كبرى للمصالح الأمريكية، وذلك بان حفظ العرش السعودي مما أطلقت عليه الوثيقة “مؤامرات جمال عبد الناصر” لأن السادات كان يبلغهم بها. وأذكر أن الرئيس السادات في هذه الفترة كان يتولى مسئولية الجانب السياسي في حرب اليمن”.


قدم سامي شرف في مذكراته (أو موسوعته)، في نهاية الفصل قبل الأخير “الثلاثين” وعنوانه “مراجعة الأحداث ـ محاولة للتقييم”، ما وصفه: “بممارسة النقد الذاتي إزاء القضية برمتها”.
بادئاً بالقول أنه ومجموعة من عرفوا “برجال 15 مايو 1971″، الذين اعتقلهم السادات في ذلك التاريخ بتهمة التآمر وتدبير إنقلاب على حكمه: “لم نكن بمتآمرين منذ البداية”، مضيفاً القول: “كان همنا وتفكيرنا منصبين على هدف واحد فقط هو التركيز بكل الطاقات على معركة تحرير الأرض المحتلة”، وأنه: “كنا حتى ذلك التاريخ ـ 13 مايو 1971 ـ لا نشك في نوايا السادات بالنسبة لمعركة التحرير فلتكن له قيادة البلد، باعتباره رئيس السلطة الشرعي، ونتنحى نحن كمعاونين، مادام الخلاف محصوراً في نطاق اختلاف الرؤى بالنسبة لأسلوب وتوقيت التنفيذ ولا يتعداه إلى الهدف الرئيسي”.
ويصل شرف إلى “ذروة” هذه الممارسة “للنقد الذاتي” بقول واضح، صريح، ونصه:
• “تعاملنا مع الأحداث من منطلق أخلاقي، وليس من منطلق سياسي، ولو كنا تعاملنا مع السيد انور السادات في هذا الأمر بأسلوب سياسي لكانت تغيرت الصورة، ولقام واحد منا، أو بعض منا بالانقلاب عليه ـ وهذا الأمر كان من أسهل ما يمكن وكان لن يكلف أكثر من بيان في الإذاعة والتليفزيون وتنتهي المشكلة.. وكنقد ذاتي فإني اعترف باني أخطأت التقدير والتصرف سياسياً.. وأقر بأني أتحمل جزءاً كبيراً من مسئولية عدم التحرك في تلك الفترة.. ويشاركني في المسئولية كل من الفريق أول محمد فوزي والسيد شعراوي جمعة..”.


لكن لماذا اختارت هذه المجموعة ـ من رجال الدولة وأقطابها ـ السادات “رئيساً” منذ البداية، ورفضت أي اقتراح أو ترشيح عداه، عقب رحيل القائد والرئيس، وبإصرار غير عادي؟، من حقنا ان نتعجب له، أو على الأقل لمداه ـ وتشددهم فيه ـ ونحن نتابع الأحداث وفق فصول الكتاب نفسه؟.
توجد نظريتان ـ أو نظرتان ـ إحداهما تذهب إلى أنهم: أرادوا استمرار توجيه أمور الدولة “من خلال رئيس ضعيف”.. وهذا النظر أو التفسير نفوه هم باستمرار. أما النظرة اللخرى فتلك التي يؤكدون عليها دوماً، سواء في كتاب “شهادة سامي شرف” أو غيره، وتذهب إلى أنهم ـ ورغم أية ملاحظات سلبية سابقة على “السادات” ـ قد حرصوا على انتقال للسلطة سلس آمن “وفق نظام ومؤسسات ودستور الدولة”، فضلاً عن أن البلاد في ظرف استعداد لمعركة تحرير، وأن السادات نائب الرئيس، حتى وإن كان الأمر محض مصادفة في ذلك التوقيت، وحتى لو أنهم يعلمون علم اليقين أن جمال عبد الناصر قد وضعه في هذا الموقع كأمر مؤقت، ويعلمون ـ كما يرد في كتاب شرف نفسه ـ أن السادات لم يكن مؤهلاً في نظر عبد الناصر ولا الذين من حوله، لقيادة ومسئولية منصب تنفيذي حتى “بحجم وزير”، فمن باب أولى: ليس من المعقول ما هو أكبر أي رئيس دولة أو رئيس وزراء!.. (ونحن نلاحظ بالفعل أن الأسماء التي تصدرت ثورة 1952 “ومجلس قيادتها” شغلت مناصب تنفيذية ماعدا السادات!.. (وزراء: مثل ثروت عكاشة ـ عبد اللطيف البغدادي ـ حسين الشافعي ـ كمال الدين حسين ـ صلاح سالم.. كما شغل موقع رئيس الوزراء: زكريا محي الدين ـ علي صبري ـ صدقي سليمان..).
o (ملاحظة: نلاحظ في أحد مشاهد فيلم “أيام السادات” المأخوذ عن كتابي السيرة الذاتية له ولجيهان السادات، مدى المرارة التي شعرا بها لأن وزارة جديدة تعلن “وأيضاً ليس فيها أنور!”).


مفاجآت مذكرات سامي شرف:
نعم: نحسب أن من “مفاجآت كتاب سامي شرف” ليس اختيار هذه المجموعة للسادات، وإنما درجة الإصرار على الاختيار!.
المفاجأة التالية: التي تأتي جنباً إلى جنب مع الأولى ـ تستكملها وتؤكدها ـ أنهم إيغالاً في هذا الإصرار، رفضوا أي ترشيح غير السادات أو أي محاولة لطرح اسم آخر بديل (ولو على سبيل التفكير في الترشيح او الطرح!).
أكثر من ذلك، فإنهم كانوا “يسارعون” (نعم بالضبط.. يسارعون!) ومنذ اللحظات الأولى إلى “إبلاغ” السادات بأن هذا أو ذاك “يفكر في ترشيح غيرك” ناقلين إليه الأمر بكل التفاصيل.
ومع أن رد فعل السادات، كان في كثير من الأحيان، لا يليق على الإطلاق: بأي (مرشح موقع مهم رفيع!)… إلا أنه ـ للأسف ـ فيما بدا لم تستوقفهم على النحو المنطقي أو الضروري: حتى ردود فعل السادات الفظة وأحياناً الوقحة “غير المعقولة”. بينما يفترض أن مثل ذلك يكشفه أكثر لديهم، ويفضح بما لا مزيد عليه “نوعية ـ نفسية ـ خلق” هذا الذي يرشحون، وعليه يصرون.
على سبيل المثال ـ ونحن نذكر ذلك من الفصل ذي الأهمية الخاصة بطبيعته وبتفاصيله ـ بعنوان: “الرحيل وترتيبات الخلافة”:
1) مثلاً:
كان الاعتراض الأول والواضح من أول لحظة على اختيار أنور السادات هو اعتراض حسين الشافعي، وبنص الكتاب هو: “اعتراض بكلمات مضمونها وصل إلى جميع الحاضرين”.
2) مثلاً:
في اليوم التالي لرحيل عبدالناصر 29 سبتمبر يروي شرف ما يلي: زارني “صلاح الشافعي” (شقيق حسين الشافعي وزميل دراسة قديم من المنصورة الثانوية لكلينا ـ والسفير بوزارة الخارجية فيما بعد).. راوياً أن حواراً دار بينهما، إذ تحدث الزائر عن ترشيح حسين الشافعي للرئاسة بدلاً من السادات.. ويروي شرف في الحوار الذي دار بينهما ما نصه:
• “قال: مش هو أحسن من أنور السادات؟!
فقلت: يا صلاح.. أمور البلد لا تدار بهذا الأسلوب.. هو كل من يزكي واحد يصبح رئيساً للجمهورية؟، هذا أسلوب قبلي تلجأ إليه معظم القبائل البدائية، ولكن أنت تعرف أن البلد فيها مؤسسات وأوضاع دستورية قائمة، وهذه الأوضاع لابد أن تستمر ويجب المحافظة عليها واحترامها.. شوف يا صلاح.. الوضع الدستوري الشرعي سوف يستمر وأي شئ خلاف هذا سوف نحاربه..، هل هذا مفهوم يا صلاح؟
ورد صلاح الشافعي: “أيوة مفهوم”.. وانتهت المقابلة عند هذا الحد”.
وهنا يضيف سامي شرف:
• “وفي الصباح الباكر حضر إلى مكتبي، أمين هويدي وشعراوي جمعة ورويت لهما ما أثاره صلاح الشافعي، واتفقنا على أن نذهب لأنور السادات لإبلاغه بما حدث، والتقينا به في قصر القبة ورويت له ما دار بيني وبين صلاح الشافعي فكان أن عقب بألفاظ خارجة يستحيل إعادتها هنا..!! ثم أضاف السادات: “سيبوا لي الموضوع ده وأنا حاتصرف..”.
لن أعقب على هذا النص هنا، لكن أكتفي بالإشارة (أو وضع الخط تحت): أولاً: أن ذلك الحوار دار يوم 29 سبتمبر (اليوم التالي للرحيل)، ثانياً: أن شرف قال في رده على صلاح الشافعي: “هو كل من يزكي واحد..” (كما لو أن حسين الشافعي هو مجرد “أي واحد”!!.. مع أنه كنائب لرئيس الجمهورية أسبق من السادات. ثالثاً: لاحظ التعبير الحاد لشرف: “أي شئ خلاف هذا.. سوف نحاربه”. رابعاً: لاحظ تعبير: “نذهب لأنور السادات.. لإبلاغه”. خامساً: ما أبشع هذا الحال.. الذي يعبر عنه شرف بوصفه الدقيق لرد فعل السادات.. ومتى؟. في اليوم التالي (أي 30 سبتمبر ـ وقبل حتى الجنازة في أول أكتوبر): “عقب بألفاظ خارجة يستحيل إعادتها هنا..”.
3) مثلاً:
يواصل شرف: أنه “في يوم 29 سبتمبر حوالي الثامنة مساء، وصلته رسالة من ضباط بالجيش (أنه إذا تم اختيار أنور السادات رئيساً للجمهورية فإنهم سيقومون بانقلاب).. وهنا يقول شرف: “كان ردي على هذه الرسالة أن الشرعية هي التي ستسود”.
4) مثلاً:
يقول شرف أيضاً: أنه يوم 30 سبتمبر حضر إلى مكتبي بمنشية البكري وزير خارجية السودان فاروق أبو عيسى الذي بدأ حديثه قائلاً: “جاءني اليوم أمين شاكر ـ وزير السياحة المصري السابق ـ وقال أنه يريد من الوفود العربية ممارسة ضغوطها لتنصيب زكريا محي الدين رئيساً للجمهورية”.
ويستكمل شرف هنا قائلاً، ما نصه:
• “وفي ضوء هذا اللقاء توجهنا إلى السادات وأبلغناه بمضمون الحديث الذي أدلى به فاروق أبو عيسى فكان رده: “اعتقلوا أمين شاكر”.. وكان ردنا عليه: لا يمكنه أن يفعل شيئاً ولا داعي لاعتقاله.. فأمن على رأينا”.
5) مثلاً:
زكريا محي الدين.. مرة أخرى:
وهذه المرة، الحديث تحديداً عن: محمد حسنين هيكل.
وما يعنيه: أن هيكل، كان ترشيحه الأول والأساسي، لمن يخلف عبد الناصر في الرئاسة، هو: زكريا محي الدين.
وقد بدا من كلام شرف، أن ذلك كان مثار قلق، وتوجس وارتياب، واتهام!.. موجه من ناجية شرف وهذه المجموعة، أو بالأدق بعضها، تجاه هيكل. أي لهذا السبب. لهذا الترشيح، لهذا التفضيل والاختيار.
وننقل هنا من الفصل نفسه من مذكرات شرف (فصل: الرحيل وترتيبات الخلافة) النص التالي:
“لاحظ المسئولون على اختلاف مواقعهم، كما لاحظ الرأي العام المصري أيضاً، أن كاميرات التليفزيون المصري كانت تركز بشكل ظاهر خلال مسيرة الجنازة على زكريا محي الدين أثناء مشاركته في تشييع الجنازة، كما أفردت صحيفة “الأهرام” الصادرة في اليوم التالي خبراً بارزاً ومستقلاً للنعي الذي رثى به زكريا محي الدين الرئيس جمال عبد الناصر خلافاً لما حظي به باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة السابقين، وبالطبع فقد أعاد ذلك إلى الذاكرة أن زكريا محي الدين هو الشخص الذي اختاره الرئيس جمال عبد الناصر عندما قرر التنحي عن السلطة يوم 9 يونيو 1967، مما أعطى الواقعتين دلالات خاصة. وكان محمد حسنين هيكل وزيراً للإعلام والمسئول عن التليفزيون، كما كان رئيساً لتحرير جريدة “الأهرام”..”.
هذا نص ما ذكره شرف، وكأنه مما يؤاخذ عليه هيكل!!. بينما هو في نظرنا في الحقيقة: لمما يدعو إلى مزيد من التقدير لهيكل، وأنه كان (على عكس موقف هذه المجموعة، إزاء ذلك الأمر) يرى الأصوب وينصف الحق والمعقول والمنطقي!.
ومن المعروف الثابت أن “بعض” شخصيات هذه المجموعة، كانت عبر سنوات تناصب هيكل العداء دون سبب، إلا ضيقها من صداقته الفكرية والإنسانية الحميمة مع جمال عبدالناصر، والممتدة على مدى سنوات عصر عبدالناصر كله. ولذلك فحين فرضت تلك المجموعة “السادات” لتصورات لديها ـ أياً كانت ـ ثم اختلفت إلى حد التصادم الكامل، مع السادات في “15 مايو 1971″، اضطر هيكل إلى أن يقف في صف السادات. وهو موقف في رأينا خاطئ، لكن سببه واضح، “هو رد فعل”، أو ما قد وجده هيكل الموقف المناسب: تجاه موقف خاطئ قديم سابق، وما نعنيه هو بغض شديد لدى أولئك البعض تجاه هيكل ـ وبطبيعة الحال فإن شرف في مذكراته ينتقد موقف هيكل في حدث 15 مايو 1971 انتقاداً لاذعاً..
وبالمناسبة: نتذكر أن هيكل في حلقاته على قناة الجزيرة بعنوان “تجربة حياة”، في حلقة خصصها (لموضوع:الرجل الثاني) ذكر أنه كان يرى باستمرار خلال سنوات 23 يوليو أن (الرجل الثاني) الأنسب ليس عبدالحكيم عامر وإنما زكريا محي الدين. وقد تحدث فيها في الحلقة موضحاً مسهباً.
كما توجد مصادر عدة أخرى، تؤكد الموقف المبكر لهيكل (باختيار محي الدين بعد رحيل عبدالناصر)، من ذلك ما كتبه صديقه الحميم الكاتب الصحفي الكبير عبد الله السناوي، في كتابه المتميز: “أخيل جريحاً.. إرث جمال عبد الناصر” (الصادر عن دار الشروق ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى 2019).
يقول السناوي في الفصل الحادي عشر من الكتاب (صفحة 277)، عن ترشيحات الأسماء في أعقاب الغياب المفاجئ للرئيس عبدالناصر:
• “استبعد “زكريا محي الدين” بأسرع وقت ممكن. كان تصدر اسمه لخبر نشرته صحيفة “الأهرام” من إجراءات الجنازة… حمل خبر “الأهرام” الذي كتبه الأستاذ هيكل، نوعاً من التزكية المبكرة. كان “زكريا محي الدين” خياره الأول لخلافة “عبد الناصر”، بعد أن استبعد “محي الدين” بقى الرجلان الآخران (أنور السادات ـ علي صبري)..”.
ويشير الكتاب ذاته في الصفحة التالية إلى أن هذه المجموعة في قمة دولة عبد الناصر، مثلما استبعدت اختيار “زكريا محي الدين” استبعدت أيضاً أن تختار “علي صبري”، فنقرأ هنا ما نصه:
• “جرى وصفهم بـ “مجموعة علي صبري”، نائب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت، لكنهم لم يبدوا حماساً للصعود بـ “الرجل القوي” (يقصد علي صبري) إلى موقع رئيس الجمهورية بعد رحيل “عبد الناصر”، وفضلوا بصورة أو أخرى “الرجل الضعيف ـ أنور السادات” بظن أنه يمكن التحكم فيه. هذه قصة معتادة في التاريخ المصري وأثمانها معروفة..” (صفحة 278).
هكذا، للأسف استبعدوا الأكفاء حقاً، والوطنيين صدقاً!. لأنهم “أقوياء!” (زكريا محي الدين ـ حسين الشافعي ـ علي صبري).
وحتى “بمعيار اختيار جمال عبد الناصر”، فإن عبد الناصر لم يرشح اسماً او يختار أحداً من بعده، سوى: زكريا محي الدين.. عند استقالته أو إعلانه التنحي عقب الهزيمة العسكرية في 5 يونيو 1967. كما أن سامي شرف نفسه يقول عنه في مذكراته (نفس الفصل: الرحيل وترتيبات الخلافة):
• “لم يكن موقفنا هذا يحمل أي معنى خاص تجاه زكريا محي الدين الذي نقدره كرجل وطني، متميز بالنزاهة والشرف، ولا يستطيع أحد أن ينكر دوره في تنفيذ الثورة، وترسيخ قواعدها بعد ذلك وعلى مدى السنوات التي أعقبت 23 يوليو 1952، وإنما كان كل همنا هو إقرار مبدأ الشرعية الدستورية..”.
واللافت أيضاً، أنه في فصل آخر (بعنوان: “حكاية العمالة للسوفييت”) تجئ فقرة لها علاقة بهذا الموضوع، ضمن مقال نشر في مجلة عربية، يهتم به سامي شرف لدرجة أنه قدمه بنصه الكامل (المقال نشر في مجلة “اليمامة” بتاريخ 20 نوفمبر 1981). أما الفقرة التي نعنيها فنصها ما يلي:
• “كان أشرف مروان قد اقترب من الرئيس السادات، أولاً عندما قام بسرقة بعض الأوراق والوثائق الهامة التي كان عبد الناصر قد دون فيها تاريخاً سياسياً هاماً، والتي كان قد أوصى فيها أيضاً بأن يتولى زكريا محي الدين الحكم في مصر في حالة اغتيال عبد الناصر أو موته فجأة”.
انتهت الفقرة، وعلى الرغم من اهتمام شرف بالمقال الذي تضمنها، ومن أهمية الفقرة، إلا أننا نلاحظ أنه قدمها بنصها دون أن يعلق عليها.


نعود لفصل أخاذ متميز هو “أحاديث المعمورة”، يلفت نظرنا فيه الكثير، وهو عن لقاءات (أو أحاديث في المعمورة ـ بالإسكندرية) بين الرئيس جمال عبد الناصر (قبيل رحيله بأسابيع، تحديداً في شهر أغسطس 1970) وسامي الدروبي المثقف العروبي الكبير سفير سوريا في القاهرة، رأى الرئيس أن يتناقش معه في قضايا بالغة الأهمية فكرية، سياسية، ويذكر شرف أن الرئيس عبد الناصر كان يقول عنه: “سامي الدروبي إنسان مثقف واع، أصيل شريف، لا يسعى إلى جاه أو سلطان أو منصب بل كان يسهم ـ حتى وهو مريض ـ بكل قواه الفكرية والجسمانية بما يخدم القضية، وباعتباره “جندي قوي عربي” قبل أن يكون سفيراً..”.
ويذكر شرف ـ قرب نهاية الفصل ـ أن بين أحاديث عبد الناصر معه ما يلي:
• “حديث الرئيس عبدالناصر حول موقف الأفراد والانتماءات الفكرية لكل منهم.. وبدأ في تحليل شخصية أعضاء مجلس قيادة الثورة، وأهم عناصر الصف الثاني.. كان يسرد ويتكلم عنهم فرداً فرداً دون أن ينسى أياً منهم، وكان في حديثه يرتبهم وفق كل مجموعة مع بعضها مرتبة بالأقدمية، وكأنه يقرأ من كتاب مفتوح أمامه وكانت عناصر تقييمه تتم على الوجه التالي: فلان، اسمه بالكامل، تاريخ ميلاده ونشأته، أسرته وتركيبتها الاجتماعية، تفكيره، وبمن أو بماذا يتأثر، انتماؤه الفكري، انتماؤه الطبقي، آماله وطموحاته، قدراته الحقيقية ومداها، مواقفه في الأزمات، دوره في القوات المسلحة، دوره في الثورة، التغييرات التي طرأت على شخصيته بعد نجاح الثورة، إمكانياته بعد إتمام دوره، الأمل في المستقبل وما يرجى أو لا يرجى منه، الاستنتاج..”.
كانت هذه في رأينا: من مفاجآت مذكرات سامي شرف.
ثم يواصل المفاجأة بقول نصه:
• “ملحوظة: تقييم الرئيس جمال عبد الناصر لأعضاء مجلس قيادة الثورة ورجال الصف الثاني مدون عندي بالتفصيل، وهو محفوظ في مكان أمين للوقت المناسب الذي أرى أنه بعد وفاتي حيث سيتولى أبنائي وضعه تحت تصرف المسئولين في الدولة..”.
والحق أنه لمما يثير القلق أن هذا التقييم بالغ الأهمية بل والخطير للرئيس عبد الناصر.. يقول الأستاذ سامي شرف أن أبناءه سوف يتولون “وضعه تحت تصرف المسئولين في الدولة”.
فما أدرانا نوع هؤلاء المسئولين، وما مصالحهم ونوازعهم، وهل سيكونون بالأمانة والنزاهة بحيث يعلنون هذه الوثيقة غير العادية.. أم قد يخفونها لسبب ما، فلا ترى النور إلى الأبد؟.
إن هذا أمر بالغ الخطورة ومدعاة للقلق الكبير، بقدر ما أن أمر ونشر الوثيقة مطلوب وضروري، خطير واستثنائي.

وبعد: من أروع فصول كتاب “شهادة سامي شرف” حقاً، الفضل بعنوان: (صنع القرار في تجربة عبد الناصر)، ونتصور أنه صار لا يصح أن يدلي متحدث بجدية أو باحث بإجادة، دون الرجوع ـ بتأمل حقيقي واهتمام كبير ـ إلى هذا الفصل على الخصوص. إنه فصل يتعذر أن يختصر، بل يجب ألا يلخص ويجب أن يقرأ. إذ هو فصل يعبر عن أمر عظيم وعصر غير عادي، استثنائي، بكل ما تعني هذه الكلمة من معان.
والحق أنه وفصول أخرى مثل: “عبد الناصر والتنظيم السياسي” (عن قضية الثورة والديمقراطية) نصوص بالغة الأهمية، تستحق وقفات وتأملات ودراسة متأنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *