تحت عنوان ” الشعب السوري سيدافع عن وحدة وسلامة الأراضي السورية ” أصدر الحزب الاإشتراكي المصري البيان التالي:
بعد أسابيع معدودة من تهديدات العدو الصهيوني، بلسان رئيس الوزراء المجرم “نتنياهو”، التي توعد فيها بـ “تغيير خرائط الشرق الأوسط”، مُلوحاً باليد الإسرائيلية الباطشة؛ التى تطال كل دول المنطقة، ومن تهديدات الرئيس الأمريكي المُنتخب “دونالد ترامب” بإحالة واقعها إلى “جحيم”، اجتاحت جماعات الإرهاب، صنيعة الولايات المتحدة، وتركيا، والكيان الصهيوني سوريا، وأسقطت نظامها “الأسدي” الذي حكمها لأكثر من نصف قرن، دون مقاومة تُذكر، وتهاوي الجيش، وانهارت محافظات الدولة تباعاً، وباتت الأمور مُهيأة لتنفيذ مُستهدفات مؤامرة إجهاض “محور المُقاومة”، وتحقيق مُخطَّطات أمريكا، وتركيا، وحلف الناتو” في المنطقة، فيما ترك البلاد “بشار الأسد”، وولي وجهه شطر منفاه الروسي، راسماً علامات استفهام تطرح نفسها سيتولى المستقبل الإجابة عليها، في أعقاب تركه للبلاد، التي هيمن استبداد أسرته والمُنتفعين منها على مُقدّرات سوريا لعقودٍ طويلة، مكشوفةً دون حماية، تتقاسمها هجمات الوحوش الضارية المُتربصة، المتلمظة لالتهام أجزائها وانتهاب خيراتها!
إن التمعُّن في نتائج الصراع على سورية في الأيام القليلة الماضية، يكشف حجم المخاطر التي تُهَدِّدها وتُهَدِّد قضايا المنطقة العربية الأساسية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي باتت معزولة حتى من محاولات إسنادها، مع تقليص دور “حزب الله” الداعم، بعد أن احتل الكيان الصهيوني مساحات واسعة من الأراضي السورية، لإقامة مناطق عازلة تمنع إيران من مده بالسلاح والمُساعدات اللوجستية، كما أن وحدة الأرض السورية مُهدُدَّة من الجانب التركي الذي يستهدف توسيع أراضيه، بالإضافة إلى تصفية النفوذ الكردي بها، فكون الأكراد لم يحصلوا على حقوقهم الديمقراطية كقومية لها حق التحدث والتعليم بلغتها… الخ لا يعني فتح المجال لهم لتقسيم سوريا، ويُضاف إلى ما تقدم الاحتمالات الكبيرة لاشتعال الاقتتال بين المُكونات المُتعددة التي وحَّدها العمل لإسقاط “الأسد”، رغم ما بينها من تناقضات وصراعات معروفة، فضلاً عن الأطماع الأمريكية في حقول النفط والغاز السورية التي يسيل لها اللُعاب! ويُزيد من خطورة الأوضاع فهم طبيعة العلاقات بين العديد من الفصائل السورية التي نجحت في إسقاط “الأسد” والعدو الصهيوني، والتي أوضحها “يوسي كوهين”، رئيس جهاز الاستخبارات الصهيونية، “الموساد”، بتصريحه منذ ساعات: “نحن لم نقم بتدريب المُعارضة السورية وحسب، وإنما تحملنا صرف رواتبهم أيضاً”!
وأخيراً.. فإن الدرس الرئيسي الذي يُستفاد من هذه المأساة، ووجّهت ضربة عنيفة لمكونات أمنها القومي، هو المآل الكارثي الحتمي لحُكمه بواسطة نُظم استبدادية فاشلة وفاسدة، حتى لو كانت قد أنجزت جانباً من تحديث المجتمع، ورفعت شعارات العداء للاستعمار والصهيونية. لقد احتكرت مغانم السلطة ونعيمها، وصنعت من بلدانها سجناً كبيراً؛ وكمَّمت الأفواه وأحالت حياة مواطنيها إلى جحيم، مُمَهِدةً الطريق لنجاح مؤامرات الأعداء بمنتهى السهولة، لأنها عزلت نفسها عن الاستقواء بالشعب، القوة الوحيدة القادرة على إنجاز عملية تغيير ديمقراطي؛ يُحافظ على وحدة تراب الوطن ويُفشل التدخُّلات الخارجية، ويهزم الأطماع المُحيطة بالوطن من كل جانب، الأمر الذي كان يقتضي احترام إرادة الجماهير، وعدم مصادرة حقّها في الرأي والتنظيم، والعمل على تلبية حاجاتها الأساسية، والحفاظ على كرامتها واحترام إنسانيتها، وهو ما لم يحدث، فكان نقطة الضعف الرئيسية التي تسلل منها العدو ووجّه طعنته في مقتل!
ويبقى أن نؤكد على ثقتنا الكاملة في الشعب السوري؛ ووعيه؛ وحسه الوطني والقومي، والذي سيهزم المؤامرة، ويقاوم كل محاولات تقسيم أرضه، وتجزيء خرائطه، وتفتيت مكوناته الإنسانية الأصيلة.
القاهرة في 9 ديسمبر 2024